يعرض ياسين أقطاي قراءة سياسية حادة حول العلاقة المعقّدة بين الولايات المتحدة وحلفائها، ويرى أنّ صداقة واشنطن تُشبه لغزًا لا يكفّ عن خداع من يثق به. ويؤكد أنّ التجربة التركية تُبرهن أنّ الولايات المتحدة تُلحق أكبر الضرر بأقرب شركائها، إذ وقفت خلف الانقلابات التي عصفت بالديمقراطية وأضعفت الدولة، بينما دعمت قوى تهدد وحدة البلاد.
يشرح الكاتب أنّ واشنطن قوّت حزب العمال الكردستاني على مدار خمسة عقود، ويقول إنّ الواقع لم يعد يحتاج نظريات مؤامرة، لأنّ الدعم الأميركي صار معلنًا. ويرى أنّ أنقرة، بعد إدراكها حجم الخطر، واجهت الولايات المتحدة بوضوح وقلّصت خسائرها، قبل أن تُدرك أنّ مشكلتها الحقيقية مع واشنطن وليست مع الأكراد. ويصف الكاتب الأكراد "الصادقين" بأنّهم أدركوا حجم هذا الخذلان.
عقود من الانقلابات.. وخصومة لا تختفي
يعرض الكاتب تاريخًا طويلًا من تدخلات واشنطن في الشأن التركي، ويقول إنّ الولايات المتحدة دعمت الانقلابات العسكرية وغير العسكرية التي مزّقت الحياة السياسية وفتحت الباب أمام الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، بينما سمحت لقوى خارجية بتجريف موارد البلاد.
ويضرب مثالًا آخر: دعم الولايات المتحدة لمنظمة فتح الله غولن، التي تعتبرها تركيا تنظيمًا إرهابيًا. ويقول إنّ واشنطن احتضنت التنظيم وتحكّمت به، وأنّ أتباعه شنّوا حربًا "قذرة" ضد تركيا في كل المجالات، بينما تواصل الولايات المتحدة الادّعاء بأنّها صديق.
ويرى الكاتب أنّ واشنطن تُلحق الضرر الأكبر بحلفائها عندما تقدم نفسها كصديق، سواء في تركيا أو غيرها.
السعودية مثال آخر على تحالف يوجع أكثر مما يحمي
ينتقل الكاتب إلى السعودية بوصفها نموذجًا آخر لحليف عربي راهن كثيرًا على الدعم الأميركي. ويشير إلى أنّ واشنطن، رغم صفقات السلاح الضخمة، لم تُحمِ منشآت النفط السعودية من هجوم الحوثيين. ويرى أنّ هذا الفشل ألحق ضررًا معنويًا واقتصاديًا أكبر من الهجوم نفسه.
ويتذكّر الكاتب كلمات ترامب الشهيرة للملك سلمان: "لن تصمد أسبوعين من دون دعمنا"، ويقول إنّ هذه الإهانة كشفت هشاشة التحالف. ويطرح سؤالًا استنكاريًا حول جدوى المكاسب التي قدّمتها الولايات المتحدة للسعودية مقابل كل هذه التبعية.
بين واشنطن والسيسي.. تحالف مؤلم يوشك على الانفجار
يصف الكاتب رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي بأنّه أحد أكبر حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، ويقول إنّ الولايات المتحدة تعتبره النموذج المثالي لديكتاتور يحكم العالم العربي. ويشير إلى أنّ واشنطن تجاهلت الانقلاب في مصر وصمتت عن الانتهاكات الواسعة لأنها رأت في السيسي رجلها المطيع.
ويستشهد الكاتب بلحظة شهيرة خلال قمة السبع في فرنسا عندما تساءل ترامب بصوت عالٍ: "أين ديكتاتوري المفضل؟"، في إشارة إلى السيسي. ويرى أنّ هذه العبارة تختصر علاقة غير متكافئة يعاني فيها الشعب المصري والعالم الإسلامي بأسره.
ويضيف الكاتب أنّ السيسي التصق بترامب التصاقًا كاملًا، لكنّ المشهد تغيّر عندما خرجت احتجاجات في عدة مدن مصرية بشكل مفاجئ، بينما كان السيسي متوجهًا إلى نيويورك. ويعتبر الكاتب أنّ المصريين، بعد سنوات من الخوف، كسروا حاجز الصمت في ليلة واحدة.
ويرى أنّ هذه الاحتجاجات ليست حدثًا عابرًا، وأنّها تعبّر عن بداية نهاية الحكم الاستبدادي. وينهي الكاتب بالقول إنّ "أجراس النهاية" بدأت تقرع بالنسبة "لديكتاتور ترامب المفضل"، وأنّ الأيام المقبلة ستكشف ما ستؤول إليه هذه اللحظة المفصلية.
https://en.yenisafak.com/columns/yasin-aktay/trumps-favorite-dictator-sisi-is-in-a-pickle-2047178

